وفي رواية أخرى: ثم إنه مرض، فأذن له المتوكل في العود إلى بغداد فعاد.
٩ - وفاة الإمام أحمد: توفي - رضي الله عنه - في سنة إحدى وأربعين ومائتين، وقد استكمل سبعاً وسبعين سنة.
قال المروزي: مرض أبو عبد الله ليلة الأربعاء لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين ومائتين، ومرض تسعة أيام وتسامع الناس، فأقبلوا لعيادته، ولزموا الباب الليل والنهار يبيتون، فربما أذن للناس، فيدخلون أفواجاً يسلّمون عليه، فيرد عليهم بيده.
وقال أبو عبد الله: جاءني حاجبٌ لابن طاهر فقال: إن الأمير يقرئك السلام، وهو يشتهي أن يراك، فقلت له: هذا مما أكره، وأمير المؤمنين قد أعفاني مما أكره.
ووضأته فقال: خلّل الأصابع، فلما كان يوم الجمعة اجتمع الناس، حتى ملؤوا السكك والشوارع، فلما كان صدر النهار قبض رحمه الله، فصاح الناس، وعلت الأصوات بالبكاء، حتى كأن الدنيا قد ارتجّت.
وعن إسحاق قال: مات أبو عبد الله وما خلّف إلا ست قطع أو سبع، وكانت في خرقةٍ كان يمسح بها وجهه قدر دانقين.
وعن حنبل قال: أعطى بعض ولد الفضل بن الربيع أبا عبد الله وهو في الحبس ثلاث شعرات فقال: هذا من شعر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأوصى أبو عبد الله عند موته أن يجعل على كل عين شعرة، وشعرة على لسانه، ففعل ذلك به بعد موته.
وعن صالح بن أحمد قال: قال لي أبي جئني بالكتاب الذي فيه حديث ابن إدريس عن ليث عن طاووس أنه كان يكره الأنين، فقرأته عليه، فلم يئنّ إلا في الليلة التي مات فيها.