للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلما ذهبوا به ليقتل تبسّم، فقال له الحجاج: ممَّ ضحكت؟ قال: من جرأتك على الله عز وجل، فقال الحجاج: أضجعوه للذبح فأضجع فقال: {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ} [الأنعام: ٧٩]. فقال: الحجاج: اقلبوا ظهره إلى القبلة، فقرأ سعيد: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: ١١٥]. فقال: كبُّوه على وجهه، فقرأ سعيد: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه: ٥٥]. فذبح من قفاه.

قال: فبلغ ذلك الحسن بن أبي الحسن البصري فقال: اللهم يا قاسم الجبابرة اقسم الحجاج، فما بقي إلا ثلاثاً حتى وقع في جوفه الدود فمات.

عن خلف بن خليفة، عن أبيه، قال: شهدت مقتل سعيد بن جبير، فلما بان رأسه قال: لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، ثم قالها الثالثة فلم يتمّها.

عن يحيى بن سعيد، عن كاتب الحجاج، يقال له يعلى، قال: كنت أكتب للحجاج، وأنا يومئذ غلام حديث السن، فدخلت عليه يوماً بعد ما قتل سعيد ابن جبير، وهو في قبة لها أربعة أبواب، فدخلت مما يلي ظهره، فسمعته يقول: ما لي ولسعيد بن جبير؟ فخرجت رويداً، وعلمت إنه إن علم بي قتلني، فلم ينشب (١) الحجاج بعد ذلك إلا يسيراً.

وفي رواية أخرى: عاش بعده خمسة عشر يوماً، وفي رواية: ثلاثة أيام وكان يقول: ما لي ولسعيد بن جبير؟ كلما أردت النوم أخذ برجلي.


(١) أي لم يلبث.

<<  <   >  >>