ثم ترفع رأسك قائلاً: سمع الله لمن حمده، حامداً ربك:«ربنا لك الحمد، ملء السموات، وملء الأرض، وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، ولكنها لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجدِّ منك الجدُّ».
ثم تخر مكبراً ساجداً مسبحاً لله تعالى، داعياً إياه بما علَّمك رسوله - صلى الله عليه وسلم - من أدعية، ثم ترفع مكبراً، فتجلس داعياً الله بين السجدتين، وفي التشهد تذكر التحيات التي تتقدم بها إلى رب العزة، وهي تحيات طيبات وتسلم على النبي، وتصلي عليه، ثم تدعو بما شئت، وتختم بالسلام عن اليمين والشمال، إن هذه الصلاة إن صليتها بتدبر وخشوع أنشأت التقوى في القلب، وغرستها فيه.
ومن العبادات التي تنشئ التقوى في القلوب الصيام، قال تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة: ٦٣] فالذي يمتنع عن الطعام والشراب والنكاح طيلة نهار رمضان في شهر رمضان لا يمنعه إلا أن الله شرع ذلك وفرضه، تنشأ التقوى في قلبه وتقوى.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:"أمر الله بالصيام لأجل التقوى، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة أن، يدع طعامه وشرابه» فإذا لم تحصّل التقوى لم يحصل له مقصود الصوم، فينقص من أجر الصوم بحسب ذلك" [مختصر الفتاوى المصرية: (٢٨٩)].
ومع أن العبادة تنشئ التقوى، فإن التقوى بدورها تدعو لعبادة الله، وقد صحَّ أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي ذرٍّ ناصحاً ومعلِّماً:«اتَّق الله تكن أعبد الناس»[حسَّنه الألباني في صحيح الترمذي: ١٨٧٦، وأخرجه في الصحيحة: ٩٣٠].