المسألة الأولى: أن من هو في قرية تقام فيها الجمعة، فإنه إذا نودي فيها بالصلاة للجمعة وجب عليه السعي إلى الجمعة، وشهودها سواء سمع النداء أو لم يسمعه، وقد حكاه عن عطاء.
وهذا الذي في القرية، إن كان من أهلها المستوطنين بها، فلا خلاف في لزوم السعي إلى الجمعة له، وسواء سمع النداء أو لم يسمع، وقد نص على ذلك الشافعي وأحمد، ونقل بعضهم الاتفاق عليه.
وإن كان من غير أهلها، فإن كان مسافرًا يباح له القصر، فأكثر العلماء على أنه لا يلزمه الجمعة مع أهل القرية، وقد ذكرنا فيما تقدم أن المسافر لا جمعة عليه.
وحكي عن الزهري والنخعي، أنه يلزمه تبعًا لأهل القرية.
وروى عن عطاء - أيضًا - أنه يلزمه.
وكذا قال الأوزاعي: إن أدركه الأذان قبل أن يرتحل فليجب ... الخ».
وقال الصنعاني في سبل السلام (٢/ ١٥٧): في شرح حديث ابن عمر «ليس على مسافر جمعة» ما نصه:
«والمسافر لا يجب عليه حضورها وهو يحتمل أن يراد به: مُبَاشِر السفر وأما النازل فتجب عليه، ولو نزل بمقدار الصلاة وإلى هذا جماعة من الآل وغيرهم، وقيل لا تجب عليه؛ لأنه داخل في لفظ المسافر وإليه ذهب جماعة من الآل أيضًا وغيرهم وهو الأقرب؛ لأن أحكام السفر باقية له من القصر ونحوه، ولذا لم ينقل أنه - صلى الله عليه وسلم - صلي الجمعة بعرفات في حجة الوداع؛ لأنه كان مسافرًا، وكذلك العيد تسقط صلاته على للمسافر، ولذا لم يرو أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة العيد في حجته، وقد وهم ابن حزم - رحمه الله - فقال إنه صلاها في حجته، وغَلَّطَهُ العلماء». اهـ.