للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى: {فَأَمَّا الْأِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (١٥) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (١٦) كَلَّا} [الفجر: ١٥ - ١٦]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (١٣) ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (١٤)} [يونس: ١٣ - ١٤]، وقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام: ١٦٥]، فبين أنه جعلهم خلائف ورفع بعضهم فوق بعض درجات كما يرفع درجة ذي الملك والسلطان ليبلوهم فيما آتاهم، وإذا كان كذلك فمن كان منهم عاملاً بطاعة الله غير عامل بمعصيته كان من أولياء الله وعباده الصالحين، ومن كان منهم عاملاً بمعصية الله مريداً للعلو في الأرض والفساد متخيلاً متكبراً جباراً كان من أعداء الله وممن سخط الله عليه ولعنه، قال بعض السلف أظنه مجاهداً في قوله تعالى: {وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ} [الشعراء: ١٣٠]، قال: هو السوط والسب والغضب في غير طاعة الله (١)،

فمن كان يضرب ويقتل لغير طاعة الله ورسله فإنما هو جبار من الجبارين فإن لم يتب وإلا جاءه بأس الله الذي لا يرد عن القوم المجرمين، سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلاً، فكيف يستجيز المسلم أن يقول في مثل هذا إنه خليفة عن الله ونائب عنه. وهذا يقتضي أن فرعون والنمرود ونحوهما كانوا خلفاء عن الله نواباً عنه.

ثم إن هؤلاء يجعلون هذا المعنى ثابتاً لكل إنسان أنه خليفة


(١) ذكر القرطبي في تفسيره عن ابن عباس ومجاهد أنهما قالا: البطش العسف قتلاً بالسيف وضرباً بالسوط، وعن مجاهد أيضاً هو ضرب بالسياط، وروى ابن جرير عن ابن جريج قال القتل بالسيف والسياط ..