للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن الله لأنه من الجنس المسلطين على غيرهم من أجناس الحيوان وعلى أنواع من التدبير، ولا يفرقون بين من أطاع الله ومن عصاه، بل يجعلون الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض ويجعلون المتقين كالفجار، وهذا كله من الإشراك والجمع لما فرق الله بينه، ولهذا شرع الاتحادية كل شرك في العالم.

ونظير هذا الإشراك الذي يجعل فيه العباد خلفاء عن الله ونواباً عنه تشبيهاً لذلك بالخلافة والنيابة عن الملوك ما يوجد في كثير من الناس من تشبيههم لمسألة الله ودعائه وعبادته بمسألة الملوك، وما يوجد في كثير من الناس أن أحدهم يقول إذا أردت أن تأتي السلطان وتسأله فابدأ بالوسائط التي بينك وبينه كالحجاب والنواب والأعوان فإن قصدك السلطان من الباب قلة معرفة وقلة تعظيم وإكرام وذلك لا يصلح لك فيأمرونه بالتواضع والإشراك بالمخلوقين، وهذا من الأسباب التي بها عبدت الكواكب والملائكة والأنبياء والصالحون وقبورهم، وهذا كله من أعظم الشرك والضلال والقياس الفاسد، فإن الله بكل شيء عليم وهو سميع بصير بكل شيء ليس بمنزلة الملك الذي لا يعلم إلا ما أنهي إليه ولا يسمع ولا يبصر أكثر أمور رعيته.

وأيضاً فإن الله على كل شيء قدير ولا يحتاج أن يستعين بالأعوان على إجابة الداعي كما يحتاج الملك.

وأيضاً فإن الله قريب إلى عباده كما قال: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: ١٨٦]، وهو رحيم بعباده رءوف بهم مع أنه هو الجبار المتكبر المتعالي بالحق ليس كالملوك الجبارين المتكبرين بالباطل على بني جنسهم ومن هو مثلهم حتى لا يسمعوا كلامه ولا يرحموه وحتى يردوا الضعيف والفقير، فهذا الإشراك في ربوبية الله وإلهيته