قريباً ما ذكره ابن قتيبة في كتابه الذي سماه «تأويل مختلف الحديث» أنه قرأ في التوراة «أن الله جل وعز لما خلق السماء والأرض قال نخلق بشراً بصورتنا فخلق آدم من أدمة الأرض ونفخ في وجهه نسمة الحياة» وذكر أيضاً هذا النص من التوراة في أول كتابه الذي سماه «المعارف» وهذا النص من التوراة مطابق للنص الذي جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما وفيما رواه أبو يونس الدوسي وأبو رافع الصائغ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله تعالى خلق آدم على صورة الرحمن» وفي حديث أبي رافع «على صورة وجهه» والذي أنزل التوراة على موسى عليه الصلاة والسلام هو الذي أنزل الكتاب والحكمة على محمد صلى الله عليه وسلم وأمره أن يبين للناس ما نزل إليهم.
قال الله تعالى:{وَأَنزلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ}[النساء: ١١٣]، وقال تعالى:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى *إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى}[لنجم: ٣]، وقال تعالى:{وَأَنزلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نزلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: ٤٤]، وقال تعالى:{إِنَّا أَنزلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ}[المائدة: ٤٤]، قال ابن قتيبة وكذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن موسى صلى الله عليه وسلم ضرب الحجر لبني إسرائيل فتفجر وقال:«اشربوا يا حمير» فأوحى الله تبارك وتعالى إليه «عمدت إلى خلق من خلقي خلقتهم على صورتي فشبهتهم بالحمير» فهذا موافق لما تقدم في حديثي ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما وفيما ذكرته من نص التوراة أبلغ رد على من تأول حديثي ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما بالتأويلات المستكرهة وعلى من عللهما بالتعليلات الواهية.
وقد استشهد شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله بقول ابن عباس رضي الله عنهما الذي ذكره ابن قتيبة في رده على من علل حديث ابن عمر رضي الله عنهما الذي تقدم ذكره. وقرر أن ابن عباس