للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن كثير: فهذه الآثار متعاضدة على ما ذكرناه (١).

وذكر الحافظ أبو بكر بن مردَويه بسنده إلى إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد قال: قال عمر، يا رسول الله، لو صلينا خلف المقام، فأنزل الله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} فكان المقام عند البيت فحوَّله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى موضعه هذا، قال مجاهد: قد كان عمر يرى الرأي فينزل به القرآن.

هذا مُرسل عن مجاهد، وهو مخالف لما تقدَّم من رواية عبد الرزاق عن مجاهد: أول من أخَّر المقام إلى موضعه الآن عمر بن الخطَّاب.

قال ابن كثير: وهو أصح من طريق ابن مردوَيه مع اعتضاده بما تقدَّم (٢).

* وذكر الأزرقي عن أبي مليكة أنه قال: موضع المقام هذا الذي هو به اليوم، هو موضعه في الجاهلية، وفي عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر إلا أن السيل ذهب به في خلافة عمر؛ فجعلوه في وجه الكعبة حتى قدِم عمر رضي الله تعالى عنه فردّه بمحضر من الناس (٣).

ونقل المحب الطبري عن مالك في "المدوَّنة": أن المقام كان في عهد إبراهيم عليه السلام في مكانه اليوم. وكان أهل الجاهلية ألصقوه إلى البيت خيفة السيل، فكان كذلك في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وعهد أبي بكر رضي الله عنه. فلما وَلِىَ عمر رضي الله عنه ردّه بعد أن قاس موضعه بخيوط قديمة قيس بها حين أخَّروه (٤)، وقيل إن عمر أخَّره أولًا ثم ذهب به السيل ثم أخَّره؛ فيكون


(١) "التفسير" (١/ ١٧١).
(٢) انظر: "تفسير ابن كثير" (١/ ١٧١).
(٣) "أخبار مكة" (٢/ ٣٥).
(٤) "القرى لقاصد أم القرى" (٣٤٥، ٣٤٦).

<<  <   >  >>