[الباب الثامن عشر في ذكر ابتداء زمزم وتجديدها بعد دثورها]
* أما بُدوّ أمرها؛ فكما ثبت في الصحيحين (١) في قصة إبراهيم عليه السلام لما جاء بهاجر وبابنها إسماعيل عليه السلام وهي ترضعه، ووضعهما عند دوحة فوق زمزم، ووضع عندهما جرابًا فيه تمر وسِقاءً فيه ماء. والقصة فيها مشهورة، وفيها: أن هاجر لما نفد ما في السِقاء قامت تنظر وإسماعيل عليه السلام يتلوَّى أو يتلبَّط، وفي لفظ: كأنه ينشغ للموت، فصعدت الصفا؛ لأنه أقرب جبل يليها تنظر هل ترى أحدًا، فلم ترَ أحدًا، فهبطت حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف دِرعها وسعت سعي الإنسان المجهود حتى أتت المروَة، فعلت ذلك سبع مرات. فلما أشرفت على المروة سمعت صوتًا فقالت: صه؛ تريد نفسها. ثم تسمَّعت، فسمعت أيضًا، فقالت قد أسمعت أن كان عندك غواث، فإذا هي بالملَك عند موضع زمزم. فبحث بعقبه أو قال بجناحه؛ فانبثق الماء، فدهشت أُم إسماعيل فجعلت تحوضه، وتقول بيدها هكذا، وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بعدما تغرف.
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أرحم الله أُم إسماعيل لو تركت زمزم أو قال لو لم تغرف من الماء لكانت زمزم عينًا معينًا" فقد بان في هذا الحديث معنى تسميتها زمزم؛ لأن الماء لما فاض زمته هاجر.
قال (٢٥ /أ) ابن فارس: وزَمزم من قولك زممت الناقة إذا جعلت لها