للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الباب الثاني والثلاثون في ذكر تعظيم حُرمة الحرَم:

قال الله تعالى: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} (١).

لفْظ هذه الآية: لفظ الخبر، ومعناها: الأمر، والتقدير: فمن دخله فأمِّنوه، وهو لفْظ عام فيمن جنى قبل دخوله أو بعده.

إلا أن الإجماع انعقد؛ على أن مَن جنى فيه لا يؤمَّن؛ لأنه هتك حرمة الحرَم وردّ الأمان، فبقى حكم الآية فيمن جنى خارجًا منه ثم لجأ إليه.

وقد اختلف الفقهاء في ذلك:

فقال أحمد في رواية المروزيِّ: إذا قتل (٣٦/ أ) أو قطع يدًا أو أتى حدًّا في غير الحرَم ثم دخله لم يُقم عليه الحد ولا يُقتصُّ منه، ولكن: لا يبايع ولا يشارى ولا يواكل حتى يخرج.

وقال في رواية حنبل: إذا قتل ثم لجأ لم يُقتل، وإن كانت الجناية فيما دون النفس فإنه يُقام عليه الحد، وبه قال أبو حنيفة.

وقال مالك والشافعي: يقام عليه الحد في النفس وفيما دون النفس، وفي الآية دليل على صحة مذهبنا.

* وقد ألهم اللَّه تعالى الحيوان البهيم تعظيم الحرم؛ فإن الظبي يجتمع مع الكلب في الحرَم، فإذا خرجا عنه تنافرا، وإن الطير لا تعلو على البيت إلا أن يستشفي مريضها به.


(١) "آل عمران" (آية: ٩٧).

<<  <   >  >>