إحدى وثمانين ومائتين، وذلك أنه أصاب مكة أمطار كثيرة فسأل واديها بأسيال عظام في سنة تسع وسبعين وسنة ثمانين ومائتين فكثر ماء زمزم وارتفع حتى قارب رأسها فلم يكن بينه وبين شفتها العليا إلَّا سبع أذرع أو نحوها. وما رأيتها قط كذلك ولا سمعت من يذكر أنه رآها كذلك. وعذبت جدًا حتى كان ماؤها أعذب من مياه مكة التي يشربها أهلها. وكنت أنا وكثير من أهل مكة نختار الشرب منها لعذوبته وإنَّا رأيناه أعذب من مياه العيون. ولم أسمع أحدًا من المشايخ يذكر أنه رآها بهذه العذوبة، ثم غلظت بعد ذلك في سنة ثلاث وثمانين وما بعدها. وكان الماء في الكثرة على حاله وكنا نقدِّرها أنها لو كانت في بطن وادي مكة لسالَ ماؤها على وجه الأرض لأن المسجد أرفع من الوادي وزمزم أرفع من المسجد. وكانت شعاب مكة وفجاجها في هاتين السنتين وبيوتها التي في هذه المواضع تتفجر ماءً (١).