للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأنه إذا كان لملك داران وأوجب على رعيته إتيان إحداهما دون الأخرى: دلّ ذلك على أن اهتمامه بتلك أقوى، وأنها أرجح عنده من الأخرى.

* السادس والخمسون: الصحيح عند الشافعية: أنه لا يجوز إحرام المقيم بالحرم بالحج إلا منه، ولو أحْرم خارجه كان مسيئًا. وعندنا يجوز من الحرَم والحِلّ، نقله الأثرم، وابن منصور، ونصَرَه القاضي، وأصحابه وِفاقًا لمالك، كما لو خرج إلى الميقات الشرعي، وكالعمرة. ومنعوا وجوب إحرامه من الحرم ومكة، وعنه: عليه دم، وعنه: إنْ أحْرم من الحِلّ، وجزم به الشيخ؛ لإحرامه دون الميقات، قال: وإن مر في الحرم، يعني: قبل مضيه إلى عرفة: فلا دم؛ لإحرامه قبل ميقاته - كمحرم قبل المواقيت وفاقًا لأبي حنيفة وأحد قوْلَي الشافعي، وأبو حنيفة: يعتبر مروره في الحرم ملبيًّا، ولم يعتبره صاحباه.

* السابع والخمسون: أنها دار إسلام أبدًا لا يُتصوَّرُ فيها خلافه، كذا قاله بعضهم. والمراد: بعد فتحها، وهو أحد التأويلين في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا هجرة بعد الفتح" (١)، أي: من مكة؛ لأنها دار إسلام لا يُتصَوَّر منها الهجرة.

وفي "صحيح مسلم" عن جابر قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول "إن الشيطان قد أيِس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم" (٢).

* الثامن والخمسون: المحافظة (٣) على الموت بها.

فروى الدارقطني عن عائشة مرفوعًا: "مَن مات في هذا الوجه من حاجّ


(١) "البخاري" (٢٧٨٣)، و"مسلم" (١٨٦٤) من حديث ابن عباس.
(٢) "مسلم" (٢٨١٨) من حديث جابر بن عبد الله.
(٣) في "م": "المحافظ".

<<  <   >  >>