سالم فجعل كلما مرّ على دار من دُور الأنصار يدعونه إلى المقام عندهم يقولون: يا رسول الله هلمّ إلى القوة والمنعة، فيقول: خلُّوا سبيلها، يعني: الناقة؛ فإنها مأمورة، وقد أرخى زمامها وما يحركها وهي تنظر يمينًا وشمالًا حتى إذا أتت إلى باب مسجده، وهو يومئذ مربد للتمر لسُهَيْل وسهل ابني رافع وعمرو بن مالك بن عباد ابن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار، يتيمين في حجر أسعد بن زرارة، وقيل: في حجر معاذ بن عفراء، وقيل: لأبي أيوب. ثم ثارت وهو عليها حتى بركت على باب أبي أيوب الأنصاري، ثم ثارت منه وبركت في مبركها الأول وألقت جرانها بالأرض وأرزَمَتْ.
والجران: باطن العنق، وأرزمت الناقة: صوَّتت من غير أن تفتح فاها.
فنزل عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال:"هذا المنزل إن شاء الله تعالى"، واحتمل أبو أيوب رحله وأدخله بيته، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٥٧/ أ) المرء مع رحله، فمضت مثلًا.
* وذكر ابن إسحاق فى "المبتدأ" أن هذا البيت الذي لأبي أيوب بناه تبَّع الأول، واسمه: تبَّان أسعد لمَّا مرّ بالمدينة، وترك فيها أربعمائة عالم، وكتب كتابًا للنبي - صلى الله عليه وسلم - ودفعه إلى كبيرهم وسأله أن يدفعه للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فتداول الدار الملاك إلى أن صارت لأبى أيوب وهو من ولد ذلك العالم، قال وأهل المدينة الذين نصروه من ولد أولئك العلماء، فعلى هذا: إنما نزل في منزل نفسه لا في منزل غيره.
* وأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ملأ بني النجار بسبب موضع المسجد، فقال:"يا بني النجار ثامنوني بحائطكم هذا"، فقالوا: لا والله لا نطلب ثمنه إلا إلى الله. وحديث إرساله - صلى الله عليه وسلم - إلى بني النجار في "الصحيح"(١)،
(١) رواه البخاري (٢٧٧٩) ومسلم (٥٢٤) من حديث أنس - رضي الله عنه -.