للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكشف عن الأساس، فبينا هو يكشف؛ رفع يده وتنحَّى قائمًا، فقام عمر ابن عبد العزيز فزعًا، فرأى قدمين وعليهما الشعر، وراء الأساس، فقال له عبيد الله بن عبد الله بن عمر وكان حاضرًا: لا يَرُعْك فهما قدما جدك عمر ابن الخطاب رضي الله عنه ضاق البيت عنه، فحفروا له في الأساس، فقال عمر: يا ابن وردان! غطِّ ما رأيت، ففعل، ولما فرغوا منه ورفعوه؛ دخل مزاحم مولى عمر من كوة جُعلت فيه، فقمَّ ما سقط على القبر من طين وتراب، ونزع القباطي، فكان عمر يتمنى أن لو كان تولّى ذلك.

ثم لم يَرِدْ أن أحدًا دخل بعد بناء عمر بن عبد العزيز لهذا الحايز؛ إلَّا ما حكاه ابن النجار: أن في سنة ثمان وأربعين وخمسمائة، سُمع من داخل الحجرة الشريفة هدَّه، وكان الوالي يومئذ بالمدينة الشريفة الأمير قاسم بن مهنَّا الحسيني، وكان يفهم العلم فذُكِرَ له ذلك، فقال: ينزل شخص من أهل الدين والصلاح (١)، فلم يجدوا يومئذ أمثل حالًا من الشيح: عمر النَّسائي شيخ شيوخ الصوفية بالموصل (٢)، وكان مجاورًا، فكلَّموه في ذلك عن الأمير، فامتنع واعتذر بمرض كان به يحتاج معه إلى الوضوء في غالب الوقت، فألزمه الأمير قاسم بالدخول، فقال: أمهلوني حتَّى أروِّض نفسي، فيقال: إنه امتنع من الأكل والشرب مدة، وسأل الله تعالى إمساك المرض عنه بقدر ما يبصر ويخرج، فأنزلوه بالحبال من بين السقفين من الطايف المذكور، فنزل بين حائط النبي - صلى الله عليه وسلم - (٦٤/ أ) وبين الحايز ومعه شمعة يستضيء بها، ومشى إلى باب البيت ودخل من الباب إلى القبور المقدسة، فأزاله، وكنس ما عليها من التراب بلحيته، وكان مليح الشيبة، وأمسك الله


(١) كلمة "والصلاح" سقطت من "ق".
(٢) في "م": "بالوصل".

<<  <   >  >>