فالمشبّه هنا هو حبر أبي حفص أو مداده، والمشبّه به هو لعاب الليل أي سواده. فالمشبه وهو الحبر مجهول الحال أو الصفة لأن للحبر أكثر من لون. ولذلك التمس ابن الرومي له مشبها به هو لعاب الليل الأسود لبيان حاله. فبيان
حال المشبه إذن غرض من أغراض التشبيه.
٣ - بيان مقدار حال المشبه: أي مقدار حاله في القوة والضعف والزيادة والنقصان، وذلك إذا كان المشبه معروف الصفة قبل التشبيه معرفة إجمالية، ثم يأتي التشبيه لبيان مقدار هذه الصفة. وذلك نحو قول عنترة:
فيها اثنتان وأربعون حلوبة ... سودا كخافية الغراب الأسود
فعنترة يخبر في هذا البيت بأن حمولة أهل محبوبته تتألف من اثنتين وأربعين ناقة تحلب، ثم وصف هذه النوق بأنها سود، والنوق السود هي أنفس الإبل وأعزّها عند العرب.
ولبيان مقدار سواد هذه النوق شبّهها بخافية الغراب الأسحم، أي جناحه الأسود. فالغرض من التشبيه بيان مقدار حال المشبّه.
ومن قول المتنبي في وصف أسد:
ما قوبلت عيناه إلا ظنّنا ... تحت الدجى نار الفريق حلولا
فالمتنبي يصف عينيّ الأسد في الليل بأنهما محمرّتان، ولبيان مقدار احمرارهما لمن يراهما في الليل عن بعد يشبههما بنار لفريق من الناس حلول مقيمين. وقد اضطر المتنبي إلى التشبيه ليبينّ هذا الاحمرار وعظمه، أي ليبينّ مقدار حال المشبه. وهذا غرض من أغراض التشبيه.