وكثيرا ما يستعمل الجاحظ في تعليقاته على النصوص عبارات «على التشبيه»: «وعلى المثل»، «وعلى الاشتقاق» وهو يعني بها الاستعارة أو المجاز بمعناه العام الذي تندرج تحته الاستعارة. وليس في ذلك من غرابة، فالاستعارة مجاز علاقته المشابهة، وكلمة التشبيه ترد عند تحليل الاستعارة أو إجرائها، ثم هي في حقيقتها تشبيه حذف أحد طرفيه.
...
وجاء بعد الجاحظ ابن المعتز «٢٩٦ هـ» فتحدث عن الاستعارة وعدها أول باب في كتابه «البديع» وأورد لها أمثلة من الكلام البديع من نحو قوله تعالى: وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ وقوله تعالى أيضا: وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ، وقول الشاعر:«...
والصبح بالكوكب الدريّ منحور».
وقد علق على هذا الكلام بقوله:«وإنما هو استعارة الكلمة لشيء لم يعرف بها من شيء قد عرف بها مثل أم الكتاب، ومثل جناح الذل، ومثل قول القائل «الفكرة مخ العمل» فلو كان قال «لب العمل» لم يكن بديعا» (١). ومن هذا التعليق يمكن استشفاف مفهوم ابن المعتز للاستعارة.
وكما أورد أمثلة شتى للاستعارة البديعة وعلق على بعضها بما يؤكد مفهومه السابق للاستعارة أورد كذلك أمثلة للاستعارة المعيبة في نظره من مثل قول أبي تمام: