للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

متى يأتك المقدار لا تك هالكا ... ولكن زمان غال مثلك هالك (١)

...

ثم نلتقي بعد ابن المعتز بقدامة بن جعفر المتوفي سنة ٣٣٧ للهجرة، فقد عقد قدامة في كتابه «نقد النثر» بابا للاستعارة تحدث فيه عن الحاجة إليها في كلام العرب ومفهومها عنده، كما تحدث عن الاستعارة المكنية وإن لم يسمها الاسم الذي عرفت به فيما بعد.

فعن الأمرين الأولين يقول قدامة: «وأما الاستعارة فإنما احتيج إليها في كلام العرب لأن ألفاظهم أكثر من معانيهم، وليس هذا في لسان غير لسانهم، فهم يعبرون عن المعنى الواحد بعبارات كثيرة ربما كانت مفردة له، وربما كانت مشتركة بينه وبين غيره، وربما استعاروا بعض ذلك في موضع بعض على التوسع والمجاز، فيقولون إذا سأل الرجل الرجل شيئا فبخل به عليه: «لقد بخّله فلان»، وهو لم يسأله ليبخل وإنما سأله ليعطيه؛ لكن البخل لمّا ظهر منه عند مسألته إياه، جاز في توسعهم ومجاز قولهم أن ينسب ذلك إليه.

ومنه قول الشاعر: «... فللموت ما تلد الوالدة»، والوالدة إنما تطلب الولد ليعيش لا ليموت، لكن لما كان مصيره إلى الموت جاز أن يقال: للموت ولدته» (٢).

فالاستعارة في نظر قدامة تتمثل في استعارة بعض الألفاظ في موضع بعض على سبيل التوسع والمجاز.

وعن الاستعارة المكنية التي التفت إليها ولم يسمها باسمها


(١) كتاب البديع ص ٢٣.
(٢) كتاب نقد النثر لقدامة ص ٦٤.

<<  <   >  >>