أبلغ من الانشقاق، لأنّ الانشقاق قد يحدث في الشيء من غير تباين.
واستعارة «الغيض» لشدّة الغليان أوجز وأبلغ في الدلالة على المعنى المراد، لأنّ مقدار شدّته على النفس مدرك محسوس، ولأنّ الانتقام الصادر عن المغيظ يقع على قدر غيظه، ففيه بيان عجيب وزجر شديد لا تقوم مقامه الحقيقة البتة (١).
فالاستعارات هنا قد حققت غرضين من أغراض الاستعارة هما الإيجاز والبيان، كما تضافرت معا في رسم نار جهنم وإبرازها في صورة تنخلع القلوب من هولها رعبا وفزعا، صورة مخلوق ضخم بطاش، هائل جبار، مكفهر الوجه عابس يغلي صدره غيظا وحقدا.
فالاستعارة هي التي لوّنت المعاني الحقيقية في الآية كل هذا التلوين، وهي التي بثّت فيها كل هذا القدر من التأثير الذي ارتفع ببلاغتها إلى حد الإعجاز.
ومن خصائص الاستعارة المبالغة في إبراز المعنى الموهوم إلى الصورة المشاهدة كقوله تعالى في الإخبار عن الظالمين ومقاومتهم لرسالة رسوله:
وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ على قراءة من نصب «لتزول» بلام كي.
«فالجبال» ههنا استعارة طوي فيه ذكر المستعار له وهو أمر الرسول، ومعنى هذا أنّ أمر الرسول وما جاء به من الآيات المعجزات قد شبه بالجبال، أي أنّهم مكروا مكرهم لكي تزول منه هذه الآيات المعجزات التي هي في ثباتها واستقرارها كالجبال.
فجمال المبالغة الناشئة عن الاستعارة هنا هو في إخراج ما لا يدرك