للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بها كل قواعد عبد القاهر البلاغية، سواء ما اتصل منها بعلم المعاني أو علم البيان.

ولم تقف جهود الزمخشري في البلاغة عند حد تطبيق آراء عبد القاهر في تفسيره تطبيقا مستقصيا، ولكنه وصل هذا التطبيق بكثير من آرائه التي تدل على تعمقه، وفطنته في تصوير الدلالة البلاغية، وإحاطته بخواص العبارات والأساليب.

ولو أنّه اكتفى بذلك لكان حسبه مساهمة في تطوير علمي المعاني والبيان، ولكنا نراه يضيف إلى مباحث هذين العلمين ما عنّ له من آراء، ويستكمل كثيرا من شعبها ودقائقها ومقاييسها.

ولما كان بحثنا هنا هو في المحل الأول عن علم البيان، فإنّ الجديد الذي أضافه الزمخشري إلى مباحثه كثير. وتتمثل إضافاته إليه في استكمال صور الكناية والاستعارة والمجاز المرسل والمجاز العقلي، وإحكام وضع قواعدها إحكاما دقيقا. وإذا كان عبد القاهر هو مؤسس علم المعاني وعلم البيان، وهو من استنبط من جزئيات كلا العلمين أكثر قواعده فإنّ الزمخشري هو الذي أكمل قواعدهما، وهي وإن جاءت مفرقة في تضاعيف تفسيره،

فإنّها دائما مقرونة بأمثلة من القرآن الكريم توضحها وتكشف عن دقائقها.

وهكذا بمنهاج عبد القاهر الذي أجملت أهم عناصره آنفا، وبطريقته التعليمية الواضحة، وكذلك بتطبيق الزمخشري لآراء عبد القاهر في تفسيره «الكشاف» وبالإضافات الجديدة التي استكمل بها قواعده- أقول بكل ذلك استطاع الرجلان أن يضعا ويكملا قواعد علم المعاني وعلم البيان، وكل ما هناك أنّه بقي من يستقصي هذه القواعد عندهما وينظمها في كتاب يجمع متفرقها ويضم منثورها.

<<  <   >  >>