ومن هذا النوع أيضا، أي التشبيه المجمل الذي ذكر فيه وصف المشبه به وحده قول زياد الأعجم:
وأنا وما تلقي لنا إن هجوتنا ... لكالبحر مهما تلق في البحر يغرق
وقول النابغة الذبياني:
فإنك شمس والملوك كواكب ... إذا طلعت لم يبد منهن كوكب
ومن التشبيه المجمل ما ذكر فيه وصف كل من المشبه والمشبه به، كقول أبي تمام في مدح الحسن بن سهل:
صدفت عنه ولم تصدف مواهبه ... عنيّ، وعاوده ظني فلم يخب
كالغيث إن جئته وافاك ريّقه ... وإن ترحلت عنه لجّ في الطلب (١)
فالتشبيه هنا هو:«الممدوح كالغيث» والبيت الأول مشتمل على وصف المشبه وهو الممدوح، والبيت الثاني مشتمل على وصف المشبه به وهو الغيث، وكلا الوصفين مشعر بوجه الشبه المحذوف، وهو عدم التخلص من كليهما على أي حال.
٣ - ويكون قريبا وبعيدا:
كذلك يكون التشبيه باعتبار الوجه قريبا وبعيدا. والمراد بالقريب القريب المتبذل، وبالبعيد البعيد الغريب.
فالقريب المتبذل: هو ما ينتقل فيه من المشبه إلى المشبه به من غير
(١) صدفت عنه: أعرضت عنه، لم تصدف مواهبه: لم تنقطع عني عطاياه، الغيث: المطر الواسع المقبل الذي يغيث أهل الأرض، وافاك ريقه: جاءك ولاقاك وأقبل عليك أوله وأحسنه، وإن ترحلت عنه: أي فررت من الغيث، لج في الطلب: ألح وبالغ في إدراكك مع فرارك منه.