الحاصلة من الاستدارة مع الإشراق والحركة السريعة المتصلة مع تموّج الإشراق واضطرابه بسبب تلك الحركة حتى يرى الشعاع كأنه يهمّ بأن ينبسط حتى يفيض من جوانب الدائرة ثم يبدو له فيرجع من الانبساط إلى الانقباض. فالشمس إذا أحدّ الإنسان النظر إليها ليتبين جرمها وجدها مؤدية إلى هذه الهيئة، وكذلك المرآة إذا كانت في كف الأشل. فالهيئة التي يتركب منها وجه الشبه هنا لا تقوم في نفس الرائي للمرآة الدائمة الاضطراب إلا بعد تأمل وطول نظر وتمهل.
والأمر الثاني لخفاء وجه الشبه في بادئ الرأي هو ندرة حضور المشبه به في الذهن، أما عند حضور المشبه لبعد المناسبة بينهما كتشبيه البنفسج بنار الكبريت في قول الشاعر:
ولا زورديّة تزهو بزرقتها ... بين الرياض على حمر اليواقيت
كأنها فوق قامات ضعفن بها ... أوائل النار في أطراف كبريت
فإن لازورديّة وهي البنفسجة شبهت بالنار في أطراف كبريت، ومعلوم أن الشيء الطبيعي الذي يتبادر إلى الذهن بسرعة عند حضور «اللازوردية» فيه هو الأزهار والرياحين التي هي من جنسها لا أوائل النار في أطراف
الكبريت. ولما كان الانتقال من البنفسج إلى النار المذكورة بعد التأمل وطول النظر كان التشبيه غريبا.
وإما أن تحصل ندرة المشبه به حصولا مطلقا من غير تقيد بوقت حضور المشبه لكونه وهميا، كما مضى من تشبيه نصال السهام بأنياب الأغوال، أو لكونه مركبا خياليا كتشبيه أزهار الشقيق بأعلام ياقوت منشورة على رماح من الزبرجد، أو لكونه مركبا عقليا كتشبيه مثل أحبار اليهود بمثل الحمار يحمل أسفارا.