للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِقَوْلِهِ: " أُقْسِمُ "، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهَا حَرْفُ نَفْيٍ أَيْضًا، وَوَجْهُهُ أَنَّ إِنْشَاءَ الْقَسَمِ يَتَضَمَّنُ الْإِخْبَارَ عَنْ تَعْظِيمِ الْمُقْسَمِ بِهِ، فَهُوَ نَفْيٌ لِذَلِكَ الْخَبَرِ الضِّمْنِيِّ عَلَى سَبِيلِ الْكِنَايَةِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُعَظَّمُ بِالْقَسَمِ بَلْ هُوَ نَفْسُهُ عَظِيمٌ أَقْسَمَ بِهِ أَوَّلًا.

وَهَذَا الْقَوْلُ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْكَشَّافِ وَصَاحِبُ رَوْحِ الْمَعَانِي، وَلَا يَخْلُو عِنْدِي مِنْ بُعْدٍ.

الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ اللَّامَ لَامُ الِابْتِدَاءِ أُشْبِعَتْ فَتْحَتُهَا، وَالْعَرَبُ رُبَّمَا أَشْبَعَتِ الْفَتْحَةَ بِأَلِفٍ وَالْكَسْرَةَ بِيَاءٍ وَالضَّمَّةَ بِوَاوٍ.

فَمِثَالُهُ فِي الْفَتْحَةِ قَوْلُ عَبْدِ يَغُوثَ بْنِ وَقَّاصٍ الْحَارِثِيِّ:

وَتَضْحَكُ مِنِّي شَيْخَةٌ عَبْشَمِيَّةٌ ... كَأَنْ لَمْ تَرَا قَبْلِي أَسِيرًا يَمَانِيًا

فَالْأَصْلُ كَأَنْ لَمْ تَرَ، وَلَكِنَّ الْفَتْحَةَ أُشْبِعَتْ.

وَقَوْلُ الرَّاجِزِ:

إِذَا الْعَجُوزُ غَضِبَتْ فَطَلِّقِ ... وَلَا تَرَضَّاهَا وَلَا تَمَلَّقِي

فَالْأَصْلُ تَرَضَّهَا، لِأَنَّ الْفِعْلَ مَجْزُومٌ بِلَا النَّاهِيَةِ.

وَقَوْلُ عَنْتَرَةَ فِي مُعَلَّقَتِهِ:

يَنْبَاعُ مِنْ ذِفْرَى غَضُوبٍ جَسْرَةٍ ... زَيَّافَةٍ مِثْلِ الْفَنِيقِ الْمُكْدَمِ

فَالْأَصْلُ يَنْبُعُ يَعْنِي أَنَّ الْعَرَقَ يَنْبُعُ مِنْ عَظْمِ الذِّفْرَى مِنْ نَاقَتِهِ، فَأَشْبَعَ الْفَتْحَةَ فَصَارَ يَنْبَاعُ عَلَى الصَّحِيحِ.

وَقَوْلُ الرَّاجِزِ:

قُلْتُ وَقَدْ خَرَّتْ عَلَى الْكَلْكَالِ ... يَا نَاقَتِي مَا جُلْتِ مِنْ مَجَالِي

فَقَوْلُهُ: " الْكَلْكَالِ "، يَعْنِي الْكَلْكَلَ، وَلَيْسَ إِشْبَاعُ الْفَتْحَةِ فِي هَذِهِ الشَّوَاهِدِ

<<  <   >  >>