وَيُرْوَى أَفَمِنْكَ، وَتَشَيُّمُهُ بَدَلَ أَفَعَنْكَ، وَتَسَنُّمُهُ.
يَعْنِي أَعَنْكَ بَرْقٌ وَ " لَا "، صِلَةٌ.
وَمِنْ شَوَاهِدِ زِيَادَتِهَا قَوْلُ الشَّاعِرِ:
تَذَكَّرْتُ لَيْلَى فَاعْتَرَتْنِي صَبَابَةٌ ... وَكَادَ صَمِيمُ الْقَلْبِ لَا يُقَطَّعُ
يَعْنِي كَادَ يَتَقَطَّعُ.
وَأَمَّا اسْتِدْلَالُ أَبِي عُبَيْدَةَ لِزِيَادَتِهَا بِقَوْلِ الشَّمَّاخِ:
أَعَائِشُ مَا لِقَوْمِكِ لَا أَرَاهُمْ ... يَضِيعُونَ الْهِجَانَ مَعَ الْمُضِيعِ
فَغَلَطٌ مِنْهُ لِأَنَّ: لَا، فِي بَيْتِ الشَّمَّاخِ هَذَا نَافِيَةٌ لَا زَائِدَةٌ وَمَقْصُودُهُ أَنَّهَا تَنْهَاهُ عَنْ حِفْظِ مَالِهِ مَعَ أَنَّ أَهْلَهَا يَحْفَظُونَ مَالَهُمْ، أَيْ لَا أَرَى قَوْمَكِ يُضَيِّعُونَ مَالَهُمْ، وَأَنْتِ تُعَاتِبِينَنِي فِي حِفْظِ مَالِي.
وَمَا ذَكَرَهُ الْفَرَّاءُ مِنْ أَنَّ لَفْظَةَ: لَا، لَا تَكُونُ صِلَةً إِلَّا فِي الْكَلَامِ الَّذِي فِيهِ مَعْنَى الْجَحْدِ، فَهُوَ أَغْلَبَنِي لَا يَصِحُّ عَلَى الْإِطْلَاقِ، بِدَلِيلِ بَعْضِ الْأَمْثِلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ الَّتِي لَا جَحْدَ فِيهَا، كَهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى الْقَوْلِ بَأَنَّ " لَا " فِيهَا صِلَةٌ، وَكَبَيْتِ سَاعِدَةَ الْهُذَلِيِّ.
وَمَا ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ مِنْ زِيَادَةِ " لَا " فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ دُونَ غَيْرِهِ فَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ " لَا نَفْيٌ لِكَلَامِ الْمُشْرِكِينَ الْمُكَذِّبِينَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَوْلُهُ: " أُقْسِمُ " إِثْبَاتٌ مُسْتَأْنَفٌ، وَهَذَا الْقَوْلُ وَإِنْ قَالَ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ فَلَيْسَ بِوَجِيهٍ عِنْدِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ " الْقِيَامَةِ ": وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ [٧٥] ، لِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى:
وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ يَدُلَّا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدِ الْإِثْبَاتَ الْمُؤْتَنَفَ بَعْدَ النَّفْيِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute