للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رحمة الله جُمْلة، وكان جَهْمٌ يخرج إلى الجَذْمَى ويقول: أرحم الراحمين يفعل هذا! إنكارًا لرحمته .

وهذا الذي ظنه هذا القائل هو شبهة منكري صفات الرب ، فإنهم قالوا: الإرادة: حركة النفس لجلب ما ينفعها ودفع ما يضرها، والرب تعالى يتعالى عن ذلك فلا إرادة له، والغضب: غليان دم القلب طلبًا للانتقام، والرب منزه عن ذلك، فلا غضب له، وسلكوا هذا المسلك الباطل في حياته وكلامه وسائر صفاته. وهو من أبطل الباطل، فإنه أخذ في مسمى الصفة خصائصَ المخلوق، ثم نفاها جملةً عن الخالق سبحانه، وهذا في غاية التلبيس والإضلال؛ فإن الخاصية (١) التي أخذها في الصفة لم تثبت (٢) لها لذاتها، وإنما يثبت لها بإضافتها إلى المخلوق الممكن، ومعلوم أن نفي خصائص صفات المخلوقين عن الخالق لا يقتضي نفي أصل الصفة عنه سبحانه، ولا إثبات أصل الصفة له يقتضي إثبات خصائص المخلوق له، كما أن ما نُفِيَ عن صفات الرب من النقائص والتشبيه لا يقتضي نفيه عن صفة المخلوق، ولا ما ثبت لها من الوجوب والقدم والكمال يقتضي ثبوته للمخلوق، لإطلاق (٣) الصفة على الخالق والمخلوق. وهذا مثل الحياة والعلم، فإن حياة العبد تعرض لها الآفات المضادة


(١) وقع في (ظ) الخاصة.
(٢) في (ظ) (يثبت)، وفي (ت) غير منقوطة.
(٣) وقع في (ج) (ولإطلاق)، ووقع في (ظ) (ولا إطلاق).

<<  <  ج: ص:  >  >>