للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن رجح القول الأول قال: دلت الآية على إباحة التعريض بنفي الجناح، وتحريم التصريح بنفي (١) المواعدة سرًّا، وتحريم عقد (٢) النكاح قبل انقضاء العدة، فلو كان معنى مواعدة السِّر هو إسرار العقد كان تكرارًا.

ثم عقب ذلك بقوله: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ﴾ [البقرة: ٢٣٥]، أن تتعدوا ما حَدَّ لكم، فإنه مُطَّلع على ما تُسِرُّون وما تعلون. ثم قال: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (٢٣٥)﴾ لولا مغفرته وحلمه لَعَنِتُّم غايَة العَنَتِ، فإنه سبحانه مطلع عليكم، يعلم ما في قلوبكم، ويعلم ما تعملون، فإن وقعتم في شيء مما نهاكم عنه، فبادروا إليه (٣) بالتوبة والاستغفار، فإنه الغفور الحليم.

وهذه طريقة القرآن، يقرن بين أسماء الرجاء وأسماء المخافة، كقوله تعالى: ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩٨)[المائدة: ٩٨]، وقال أهل الجنة: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (٣٤)[فاطر: ٣٤]، لما صاروا إلى كرامته بمغفرته ذنوبهم وشكره إحسانهم، قالوا: ﴿إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (٣٤)﴾، وفي هذا: معنى التعليل، أي بمغفرته وشكره وصلنا إلى دار كرامته، فإنه غفر لنا السيئات، وشكر لنا الحسنات. وقال تعالى: ﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ


(١) من (ظ، ب)، ووقع في (ش، ت، ج) (بنهي).
(٢) من (ظ، ت، ش، ج) ووقع في (ب) (عقدة).
(٣) وقع في (ب) (عليه).

<<  <  ج: ص:  >  >>