للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومغضوب عليهم قد باؤوا بغضب من الله، وحَيْرانٍ لا يعرف ربًّا يعبده، ولا بماذا يعبده، والناس يأكل بعضهم بعضًا، من استحسن شيئًا دعا إليه وقاتل من خالفه، وليس في الأرض موضعُ قدمٍ مُشْرقٍ بنور الرسالة، وقد نظر الله حينئذ إلى أهل الأرض، فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا على (١) آثارٍ من دين صحيح، فأغاث الله به البلاد والعباد، وكشف به تلك الظُّلَم، وأحيا به الخليقة بعد الموت، فهدى به من الضلالة، وعلم به من الجهالة، وكثر به (٢) بعد القلة، وأعز به بعد الذلة، وأغنى به بعد العَيْلَة، وفتح به أعينًا عميًا، وآذانًا صمًّا، وقلوبًا غلفًا، فعرف الناس ربهم ومعبودهم غايةَ ما يمكن أن تناله قواهم من المعرفة، وأبدأ وأعاد، واختصر وأطنب، في ذكر أسمائه وصفاته وأفعاله وأحكامه، حتى تجلَّت معرفته سبحانه في قلوب عباده المؤمنين، وانجابت سحائب الشك والريب عنها كما ينجاب السحاب عن القمر ليلة إبداره، ولم يدع لأمته حاجة في هذا التعريف لا إلى من قبله ولا إلى من بعده، بل كفاهم وشفاهم وأغناهم عن كل من تكلم (٣) في هذا الباب: ﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥١)[العنكبوت: ٥١].


(١) وقع في (ب) (بقايا آثار دين صحيح).
(٢) سقط من (ح).
(٣) في (ظ) (كلّم).

<<  <  ج: ص:  >  >>