للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما استشهادهم بقول الشاعر على جواز كون المشبّه أفضل من المشبه به (١) فلا يَدلُّ على ذلك، لأن قوله: "بنونا بنو أبنائنا" إما أن يكون المبتدأ فيه مؤخَّرًا والخبر مُقدَّمًا، ويكون قد شَبَّه بني أبنائه ببنيه، وجاز (٢) تقديم الخبر هنا (٣) لظهور المعنى، وعدم وقوع اللَّبْس؛ وعلى هذا فهو جار على أصل التشبيه. وإما أن يكون من باب عكس التشبيه، كما يُشَبَّه القمر بالوجه الكامل في حسنه، ويُشَبَّه الأسد بالكامل في شجاعته، والبحر بالكامل في جُوْده، تنزيلًا لهذا الرجل منزلة الأصل المشبه به، وتنزيلًا للقمر، والأسد، والبحر، منزلة (٤) الفرع المشبه. وهذا يجوز إذا تضمَّن عكس التشبيه مثل هذا المعنى. وعلى هذا فيكون هذا الشاعر قد نَزَّلَ بنى أبنائه منزلة بنيه، وأنهم فوقهم عنده ثُمَّ شَبَّه بنيه بهم، وهذا قول طائفة من أهل المعاني.

والذي عندي فيه: أنَّ الشَّاعر لم يرد ذلك، وإنما أراد التَّفْريق بين بني (٥) بنيه وبني (٦) بناته، فأخبر أن بني بناته تبع لآبائهم، ليسوا بأبناء لنا، وإنما أبناؤنا بنو أبنائنا، لا بنو بناتنا، فلم يرد تشبيه بني بنيه ببنيه، ولا عكسه، وإنما أراد ما ذكرنا من المعنى، وهذا


(١) في جميع النسخ (المشبه به أفضل من المشبه)، لكن ليس في (ب) (به).
(٢) في (ب، ش) (وكان).
(٣) في (ب، ش) (لها).
(٤) سقط من (ظ) من قوله (الأصل) إلى (منزلة).
(٥) سقط من (ح) (بني).
(٦) في (ظ) (وبين).

<<  <  ج: ص:  >  >>