للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثالث: أن في قراءة ابن مسعود: ﴿وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (٧٨) سَلَامًا﴾ بالنصب (١)، وهذا يدلُّ على أن المتروك هو السلام نفسه.

الرابع: أنه لو كان السلام منقطعًا (٢) مما قبله؛ لأخلَّ ذلك بفصاحة الكلام وجزالته، ولَمَا حَسُنَ الوقوف على ما قبله، وتأمَّل هذا بحال السامع إذا سمع قوله: ﴿وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ﴾ كيف يجد قلبه متشوقًا (٣) متطلعًا إلى تمام الكلام، واجْتِنَاء الفائدة منه، ولا يجد فائدة الكلام انتهت وتَمَّت ليطمئن عندها، بل يبقى طالبًا لتمامها، وهو المتروك، فالوقف على ﴿الْآخِرِينَ﴾ ليس بوقفٍ تامّ (٤).

فإن قيل: فيجوز حذف المفعول من هذا الباب، لأن "ترك" هنا (٥) في معنى (٦) أعطى، لأنه أعطاه ثناء حسنًا أبقاه عليه في الآخرين، ويجوز في باب "أعطى" ذكر المفعولين، وحذفهما، والاقتصار على أحدهما، وقد وقع ذلك في القرآن، كقوله: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١)[الكوثر: ١] فذكرهما، وقال تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى﴾ [الليل: ٥]، فحذفهما، وقال تعالى: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (٥)[الضحى: ٥]، فحذف الثاني، واقتصر على الأول.


(١) انظر: فتح القدير للشوكاني (٤/ ٤٨٣).
(٢) في (ش) (متنطعًا) وهو خطأ.
(٣) في (ظ، ش، ب) (مشرئبًا).
(٤) انظر القطع والائتناف لابن النحاس ص ٤٣٧.
(٥) في (ب) (ههنا).
(٦) في (ظ) فقط (بمعنى).

<<  <  ج: ص:  >  >>