يبين لك أن النبي، صلى الله عليه وسلم، حين قبّل عثمان بن مظعون، وهو ميت لم يتوضأ؛ ويبين لك أيضا أن أبا بكر الصديق، رضي الله عنه، حين قبّل النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو ميت، صلوات الله عليه، لم يتوضأ؛ ويبين لك أن من مس الميت كمن مس الحي، لا فرق بينهما.
وقلنا للشافعي أيضا من أين جاز لك أن تقول: من مس أخاه الميت المسلم انتقض وضوؤه، بعد ما ذكرنا لك عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وعن أبي بكر وابن عمر وابن عباس وغيرهم، أن من مس خنزيرا أو ميتة أو غيره أنه لا ينتقض الوضوء، فصار الميت المسلم عندك من مسه أسوأ حالا ممن مس خنزيرا أو ميتة أو غيره. فحكاية قولك هذا تجزئ من الاحتجاج عليه، لفساده، وبالله التوفيق.
[إشكال القبلة على رجلين]
قال الشافعي: إذا أشكلت القبلة على رجلين فاختلفا، لم يسع أحدهما اتباع صاحبه [٢٠ ظ] فإنكان قد حبس في ظلمة الغيم، وخفيت الدلائل على رجل فهو كالاعمى. والأعمى إذا دله رجل بصير وسع اتباعه. ثم قال ولا يسع بصير إن خفيت عليه الدلائل اتباعه. فاضطرب قوله في هذا اضطرابا شديدا.
فقلنا له: هذا القول متناقض يعرض عليك في كتبك فلا تأبه له، لأنك قلت إذا خفيت على البصير الدلائل فهو كالأعمى. والأعمى، عندك فيما قلت في كتبك إذا دله بصير وسعه اتباعه. فينبغي