في قولك أن تقول إذا خفيت على البصير الدلائل للغيم ونحوه، فدلَّه رجل أن يسعه اتباعه كالأعمى سواء. فتركت ذلك ونقضته فقلت: ولا يسع البصير الذي خفيت عليه الدلائل اتباع من يدله، فأتى فساد وتناقض من هذا القول.؟
قال أبو بكر ومن أعمى ممن عميت عليه سبل الحق فلم يهتد لها بدلالة ولا غيرها، فأرشده من يعلم، فمنعته أن يقبل وتركته في عماه يتردد، لا يقيم فرضا ولا يؤديه. فأيّ فساد أبين من فساد هذا القول، ونعوذ بالله من قلّة التوفيق.
ثم قال الشافعي أيضا في اضطراب هذا القول: ومن اجتهد فصلّى إلى الشرق، ثم رأى القبلة إلى الغرب، فليستأنف لأن عليه جهتها إلى صواب جهتها فهذا صواب وإنما أردنا ما بعده. قال ويعيد الأعمى ما صلّى معه متى ما أعلمه.
[الماء أحدهما طاهر والآخر نجس]
وقال الشافعي في الماءين: أحدهما نجس والآخر [٢١ و] طاهر، لا يعرفه، إنه يتوضأ الطاهر ويصلي به. قيل للشافعي: فأراد أن يتوضأ بأنية، فكان الأغلب عليه أن الذي ترك هو الطاهر، ما يصنع؟ فقال: لا يتوضأ بواحد منهما، ويتيمّم ويصلّى. ثم قال: فإذا تيمّم وصلّى فليعد كل صلاة صلّاها بتيمّمه أبدا، لأن معه ماء [وهو] مستيقن أنه طاهر.