وسلم وأصحابه كانت أولى بالشافعي أن يتبعها. ولا يحمل سلطان على أن يجبر رجلا مسلما على شيء قد يكون حتفه فيه فقد أزال النبي صلى الله عليه وسلم القصاص في الجراح التي يخاف على المقتص منه فيها، إذ قد سلم المجروح منها، ويخاف على الجارح إن اقتص منه، أن يكون حتفه فيها. وأزالها أبو بكر الصدّيق وعمر بن الخطاب وزيد بن ثابت كما قد اقتصصناه عليه. وقلنا للشافعي: إنّ السّنن لا يحلّ لأحد أن يخالفها ولا [أن] يعارضها بشيء. وإنما الفرض على المسلمين اتباعها والاقتداء بها والقياس عليها. فإذا قسنا ما قلت على سنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، هذه، فأيّ الرّجلين أولى بأن لا يعرض [إلى] الحتف والموت عندك؟ أرجل ليس قبله لأحد من المسلمين حقّ في قصاص يؤخذ له به [٢٧ ظ] غير أنه جبر عظما انكسر له بعظم ميتة حتى التأم العظم وانجبر والتأم اللحم عليه والتحم فإن قطع اللحم وانكسر العظم الذي قد جبر به، وانجبر بعضه إلى بعض فتكسره حتى تخرج العظم الميت ولعلّ حتفه يكون فيه. أم رجل جرح رجلا جرحا يخاف عليه أن اقتص منه أن يموت؟ فافهم هذا يبين لك الذي قلت وذهبت إليه، [وهو] ليس كما قلت وذهبت إليه، وبالله التوفيق.
[حكم أكل الذبيحة من القفى]
وقال الشافعي: إذا ذبح المرء ذبيحة من القفى فتحرّكت بعدما قطع رأسها، أكلت وإلّا لم تؤكل؟ فقلنا للشافعي إنّ قولك هذا خلاف لما قال أهل العلم، لأن الذكاة إنّما تكون فيما فيها الحياة، فأمّا من قطع منها عظم القفى، وقطع نخاعها قبل أن يصل إلى مذبحها الذي فيه