أفرى الأوداج." ما لم يكن من ذوي ناب أو ذوي ظفر. قلنا للشافعي: أفلا ترى إلى حديث أبي أمامة عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إذ قال صلوات الله عليه: "كل ما أفرى الأوداج." فأوجب أن الذكاة إنما هي في الحلق والأوداج [٢٩ و] وقول ابن عباس، رضى الله عنه، فافر الأوداج. فخالفت أنت هذا كله برأيك.
وقال الشافعي: وأقل ما يجزئ من الذكاة بأن يبيّن الحلقوم والمري، فإذا أبان الذابح الحلقوم والمري فقط ولم يقطع الودجين كانت [الذبيحة] مذكاة وحلّ أكلها عند الشافعي، فافهموا هذا فإنّ حجته التي احتجّ بها أعجب، إذ يحتجّ على حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم إذ قال صلوات الله عليه: "كل ما أفرى الأوداج" فلم يلتفت هو إلى الأوداج. ثم قال الشافعي: وإنما أريد بفري الأوداج أنها لا تفرى إلا بعد قطع الحلقوم والمري. والودجان عرقان قد يسلان من الانسان والبهيمة ثم يحييان. فأبان في حجته أن الودجين ليسا من الذكاة في شيء. وإنما الذكاة عند الشافعي، الحلقوم والمري فقط. فيا سبحان الله ما أعجب هذا، إن أبا أمامة الباهلي يروي عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "كل ما أفرى الأوداج" ثم حديث ابن عباس ... في الحلق ومر "فافر الأوداج". فخالف هذا واحتج بمحال من الكلام: زعم أن الودجين قد يسلان من الانسان والبهيمة ثم يحييان فيعيش الفصد في العروق حتى يسيل منه الدم ما سال، ثم يحبس الدم فيلتحم ويبرأ كما يفعل الناس بفصد العروق إلا