بقضاء القاضي انفسخ العقد الأول من الأصل وصار كأن لم يكن، وقد بقي هو على وكالته ما لم يحصل مقصود الآمر.
فلو أراد أن يشتريها لنفسه بعد ذلك فاشتراها وهو عالم بعيبها لم يكن الشراء إلا للآمر لما مر أنه بقي على وكالته ما لم يحصل مقصود الآمر، إلا أنه عالم بعيبها، وهو في الابتداء لو علم بعيبها واشتراها لنفسه كان الشراء للآمر فكذا في المرة الثانية.
والوكيل بالبيع يكون خصماً في الرد بالعيب بمنزلة البائع لنفسه، فإن أراد أن يتحرز من ذلك فالحيلة فيه أن يأمر غيره ليبيعه بحضرته فينفذ ذلك على الآمر عندنا، وخصومة المشتري في الرد بالعيب لا تكون مع الوكيل وإنما تكون مع عاقده، فإن أبى المشتري إلا بأن يضمن الوكيل الأول الدرك فينبغي له أن لا يحرز من ذلك لأن مقصوده حاصل من غير ضمان الدرك، فإن المشتري إذا وجد بالمبيع عيباً فلا خصومة له بالعيب مع الضامن للدرك، وإذا رده بالعيب على البائع لم يكن له أن يرجع بالثمن على الضامن للدرك لأن العيب ليس بدرك.
وإذا خلع الأب ابنته من زوجها بما لها على الزوج من الصداق لم يجز ذلك ولم تطلق البنت، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، إلا على قول مالك، رحمه الله، فإنه يجوز خلع الأب على ابنته الصغيرة، كما يجوز تزويج الأب ابنه الصغير بمال الابن، وقد بيَّنا المسألة في النكاح، فإن في الخلع المرأة تلتزم مالاً بإزاء ما ليس بمتقوم لأنه لا يدخل في ملكها بالخلع شيء متقوم، وليس للأب هذه الولاية على ابنته، صغيرة كانت أو كبيرة، فهو في الخلع كالأجنبي، إلا أن يضمن الدرك للزوج فحينئذٍ ينفذ الخلع على الوجه الذي بيناه في الشروط.
وإذا خاف الوكيل بشراء متاع من بلد من البلدان أن يبعث بالمتاع مع غيره أو يستودع المال غيره فيصير ضامناً فالحيلة له في ذلك أن يستأذن رب المال في