أن يعمل برأيه، فإذا أذن له في العمل برأيه كان له أن يصنع ذلك، وجاز له أن يوكل غيره بالتصرف ويدفع المال إليه، فإن الموكل أجاز صنيعه على العموم والتوكيل من صنيعه فينفذ ذلك على الموكل كأنه باشره بنفسه.
[باب في الصلح]
رجل له على رجل ألف درهم فصالحه منها على مائة يؤديها إليه في هلال شهر كذا، فإن لم يفعل فعليه مائتا درهم، فذلك جائز عندنا وهو قول أبي يوسف، رحمه الله، ويبطله غيرنا، يعني شريك وابن أبي ليلى، رحمهما الله، فإنهما كانا يقولان هذا تعليق التزام المال بالخطر، لأنه يقول إن لم يفعل فعليه مائتا درهم، يعني إن لم يؤد المائة في نجمها، ولا يدري أيؤدي أم لا يؤدي، وتعليق التزام المال بالخطر لا يجوز، فالثقة له في ذلك أن يحط رب المال عنه ثمانمائة درهم عاجلاً ثم يصالحه من المائتين على مائة درهم يؤديها إليه ما بينه وبين شهر كذا، على أنه إن أخرها عن هذا الوقت فلا صلح بينهما على هذا.
وإذا أراد أن يكاتب عبده على ألف درهم يؤديها إليه في سنة، فإن لم يفعل فعليه ألف درهم أخرى، فإن هذا لا يجوز، لأنه صفقتان في صفقة، وشرطان في عقد، ولأن فيه تعليق التزام المال بالخطر، وهو أن لا يؤدي الألف في السنة.
وإن أراد الحيلة في ذلك فالحيلة أن يكاتبه على ألفي درهم ثم يصالحه منها على ألف درهم يؤديها إليه في سنة، فإن لم يفعل فلا صلح بينهما، فيكون العقد صحيحاً على بدل مسمى ويكون الصلح صحيحاً على ما وقع الاتفاق عليه بينهما، لأن عقد الصلح ينبني على التوسع.
ومثل هذا الصلح يصح بين الحرين، فبين المولى ومكاتبه أولى، ولأن مثل هذا الشرط في البيع يصح، فإن لو باع على أنه إن لم يؤد الثمن إلى ثلاثة