صالحه على مائة ذراع من دار أخرى لم يجز في قول أبي حنيفة وجاز عندهما، لأنه يتملك ما وقع عليه الصلح بعوض، فهو بمنزلة من اشترى مائة ذراع من دار، وذلك فاسد عند أبي حنيفة جائز عندهما.
مريض ادعى على رجل مالاً وله به عليه بينة فصالحه منه على دراهم يسيرة وأقر المريض أنه لم يكن له على هذا المطلوب شيء ثم مات جاز إقراره في القضاء ولم يقبل من ورثته بينة على المطلوب بذلك المال، أما إذا لم يقر بذلك فيتمكن في هذا الصلح محاباة وهو يعتبر من ثلث المال، وأما إذا أقر بذلك فإقراره بما يتضمن براءة الأجنبي معتبر بإقراره للأجنبي، وذلك صحيح من جميع ماله، فكذلك إقراره أنه لم يكن له على المطلوب شيء يكون صحيحاً، وبعد صحة الإقرار منه لا تسمع الدعوى من ورثته، لأنهم يقومون مقامه، وهو لو ادعى بعد ذلك مالاً مطلقاً عليه لم تسمع دعواه ولم يقبل بينته، فكذلك الورثة إذا ادعوا ذلك.
رجل له على رجل دين حال فصالحه على أن ينجمه نجوماً عليه وأخذ منه كفيلاً على أن كل واحد منهما ضامن عن صاحبه على أنهما إن أخرا نجماً عن محله فالمال عليهما حال فهو جائز، لأنه إذا أخذ بالمال كفيلاً كان الكفيل مطالباً به كالأصيل، فهذا بمنزلة رجل له على رجلين مال وكل واحد منهما ضامن عن صاحبه فنجمه عليهما نجوماً على أنهما لو أخرا نجماً عن محله فالمال عليهما حالٌّ، وذلك جائز، لأن تنجيم المال عليهما صلح، فقد علق بطلان الصلح بعدم الوفاء بالشرط، وذلك جائز.
فإن كان الطالب إنما أخذ من المطلوب كفيلاً بنفسه على أنه إن لم يواف به عند كل نجم فالكفيل ضامن لجميع المال على النجوم التي سميا، فإن ذلك جائز عندنا، وبعض الفقهاء، رحمهم الله، يبطله، يعني ابن أبي ليلى، فإنه لا يجوِّز تعليق الكفالة بالمال بخطر عدم الموافاة بالنفس، وقد بيَّناه في كتاب الكفالة، فالثقة في ذلك أن يضمن الكفيل المال على أنه برئ من كل نجم