حنث، لأن المراد من هذا اللفظ في العرف دخول منزله، فعند الإطلاق يحمل على ذلك وهو داخل سواء كان راكباً أو ماشياً أو حافياً أو منتعلاً، وإن نوى حقيقة وضع القدم فإنما نوى حقيقة كلامه، لأنه إنما يطأ الشيء بقدمه حقيقة، من غير فاصل بينهما، ولا يحصل ذلك إذا دخلها راكباً أو منتعلاً، ومن نوى حقيقة كلامه عملت نيته.
ولو قال لامرأته إن دخلت دار أبيك إلا بإذني فأنت طالق فالحيلة في أن لا يحنث أن يقول لها قد أذنت لك في دخول هذه الدار كلما شئت، فتدخل كلما شاءت ولا يحنث، لأنه جعل الدخول بإذنه مستثنى من يمينه، والإذن بكلمة كلما يتناول مرة بعد مرة ما لم يوجد النهي، فهي في كل مرة إنما تدخل بإذنه إلا أن يمنعها من الدخول، فحينئذٍ إذا دخلت بعد ذلك كان دخولاً بغير إذنه.
ولو قال أنت طالق إن خرجت من بيتي ولا نية له فخرجت من البيت إلى الحجرة لم يحنث، لأنها ليست بخارجة من البيت، ألا ترى أن المعتدة لا تمنع من ذلك بقوله عز وجل:(لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن ... ) ولأن مقصوده من هذا أن لا يراها الناس، وإنما يكون ذلك بالخروج إلى السكة لا بالخروج إلى الحجرة، لأن الحجرة من حرزه لا يدخلها أحد إلا بإذنه بمنزله.
ولو حلف لا يدخل على فلان بيته فدخل حجرته لا يحنث، لأنه ما دخل بيته، وهو نظير ما تقدم أنه إذا دخل عليه في دار لم يحنث، قالوا وفي عرف ديارنا يحنث في يمينه، فاسم البيت يتناول الحجر كما يتناول السفل، ألا ترى أن من بات في حجرته إذا قيل له أين بت الليلة يستخبر أن يقول في بيتي.
ولو حلف لا يأخذ ما له على فلان إلا جميعاً فأخذ حقه جميعاً إلا درهماً وهبه للمطلوب لم يحنث، لأن شرط حنثه أن يأخذ ما له على فلان متفرقاً، فإنه لما استثنى الأخذ جملة واحدة عرفنا أن المستثنى منه الأخذ متفرقاً، وإذا وهب له البعض أو أبرأه عن البعض فلم يوجد الأخذ متفرقاً فلم يحنث، وإن أخذ جميع حقه فوجد فيه درهماً ستوقاً لم يحنث حتى يستبدله، فإن استبدله