ذلك لأنه نوى حقيقة كلامه، ولا يحنث إذا تزوج على غير رقبتها، فإن كان عني أن لا أتزوج على طلاقك فهذه النية تعمل فيما بينه وبين الله تعالى، ولا يحنث إذا تزوج امرأة أخرى، وكذلك إن عني بقوله فهي طالق من الوثاق، فنيته صحيحة فيما بينه وبين الله تعالى.
وإن قال كل امرأة أتزوجها فأطؤها فهي طالق، وعني الوطء بقدمه فهو يدين فيما بينه وبين ربه، لأن المنوي من محتملات لفظه.
وقال بعض مشايخنا، رحمهم الله: ينبغي أن يدين في هذا الموضع في القضاء لأنه نوى حقيقة كلامه، فالوطء يكون بالقدم حقيقة، إلا أنا نقول الوطء متى أضيف إلى النساء فهو حقيقة في الجماع دون الوطء بالقدم، وإنما يراد الوطء بالقدم إذا ذكر مطلقاً غير مضاف إلى النساء، فلهذا لا يدين هنا في القضاء وهو مدين فيما بينه وبين الله تعالى.
رجل اتهم جارية أنها سرقت له مالاً فقال أنت حرة إن لم تصدقيني، وخاف المولى أن لا تصدقه فتعتق، ما الحيلة فيه؟ قال تقول الجارية قد سرقته، ثم تقول بعد ذلك لم أسرقه، فيتيقن أنها صدقته في أحد الكلامين ولا تعتق.
وإن قال لامرأته أنت طالق إن بدأتك بالكلام، وقالت له المرأة بعد ذلك وإن ابتدأتك بالكلام فجاريتي حرة، فالحيلة فيه أن يبدأ الزوج بالكلام، لأن المرأة قد كلمته بعد كلامه حين خاطبته بيمينها، فلا يكون الزوج مبتدئاً لها بالكلام بعد يمينه، وإن كانت اليمين منهما جميعاً فالحيلة فيه أن يكلم كل واحد منهما صاحبه معاً على ما ذكره في الجامع.
إذا حلف رجلان فقال كل واحد منهما لصاحبه إن ابتدأتك بالكلام ... فالتقيا وسلم كل واحد منهما على صاحبه معاً لم يحنث كل واحد منهما في يمينه، لأن المبتدئ بالشيء من يسبق غيره بذلك الشيء، فإذا اقترن كلامه بكلام صاحبه لم يكن مبتدئاً.