كان كلامه سؤالاً للخلع لا أحد شطري العقد فلا بد من الإيجاب والقبول بعده، وإذا ذكرت البدل كان كلامها أحد شطري العقد كما في النكاح قوله زوجني نفسك أحد شطري العقد، إلا أن في النكاح لا فرق بين أن يذكر البدل وبين أن لا يذكر، فإن وجوب المهر يستغني عن التسمية هناك ولا يعتمد الرضى، ووجوب البدل في الخلع لا يكون إلا باعتبار التسمية، وباعتبار تمام الرضى، فلهذا فرقنا بين ما إذا ذكرت البدل وبين ما إذا لم تذكر.
وذكر الخصاف، رحمه الله، في كتاب الحيل نظير هذه الحكاية فقال: إن بعض من كان يتأذى منه أبو حنيفة، رحمه الله، جرى بينه وبين زوجته كلام فامتنعت من جوابه، فقال إن لم تكلميني الليلة فأنت طالق فسكتت وامتنعت عن كلامه، فخاف أن يقع الطلاق إذا طلع الفجر فطاف على العلماء رحمهم الله في الليل فلم يجد عندهم في ذلك حيلة، فجاء إلى أبي حنيفة، رحمه الله، وذكر له ذلك فقال: هلا أتيت أستاذك فجعل يعتذر إليه ويقول لا فرج لي إلا من قبلك، فذكر أنه قال له اذهب فقل للذين حولها من أقاربها دعوها فماذا أصنع بكلامها، فإنها أهون عليَّ من التراب، وأسمعها من هذا بما تقدر، فجاء وقال ذلك حتى ضجرت، وقالت بل أنت كذا وكذا، فصارت مكلمة له قبل طلوع الفجر وخرج من يمينه.
وهذه الحكاية أوردها في مناقب أبي حنيفة، رحمه الله، وقال إنه قال للرجل ارجع إلى بيتك حتى آتي بيتك فأتشفع لك، فرجع الرجل إلى بيته، وجاء أبو حنيفة، رحمه الله، في إثره وصعد مئذنة محلته وأذنت فظنت المرأة أن الفجر قد طلع فقالت الحمد لله الذي نجاني منك، فجاء أبو حنيفة، رحمه الله، إلى الباب وقال قد برت يمينك، وأنا الذي أذنت أذان بلال رضي الله عنه في نصف الليل.
قال وسئل أبو حنيفة عن أخوين تزوجا أختين فزفت امرأة كل واحد منهما إلى زوج أختها فلم يعلموا بذلك حتى أصبحوا، فذكر ذلك لأني حنيفة، رحمه