آخر وصيه بالشام وفلاناً وصيه بالحجاز أيجوز ذلك؟ قال نعم كل هؤلاء الثلاثة أوصياء في قول أبي حنيفة وأبي يوسف؛ ليس لواحد من هؤلاء الأوصياء الثلاثة في قول أبي حنيفة أن يبيع شيئاً للميت ولا يشتريه ولا يتقاضاه إلا بوكالة من صاحبيه بمحضر منهما ورضاهما، وقال أبو يوسف كل واحد منهما وصي فيما جعل فيه خاصة، وكذلك البيع ليس لواحد منهم أن يبيع شيئاً من تركة الميت إلا بوكالة من صاحبيه أو بمحضر منهما ورضاهما وهذا قول أبي حنيفة؛ وقال أبو يوسف بيع كل واحد من الوصيين وشراه جائز وحده.
قلت فكيف الحيلة للمريض وهؤلاء الأوصياء الثلاثة المتفرقين في هذه البلدان والثقة له بهم وقد أراد أن يكون أوصياء كل واحد منهم في البلد الذي هو به وصياً على حدة؟ قال ليس الحيلة في ذلك إلا وجه واحد أن يُشهد أن هؤلاء الثلاثة أوصياؤه في جميع ما تركه الميت في جميع هذه البلدان كلها وأنه إن غاب منهم واحد أو مات واحد أو اثنان كان الباقي منهم وصياً في جميع تركة الميت في جميع هذه البلدان، وأنه كلما حضر واحد من هؤلاء الأوصياء فهو وصي وحده، له أن يتقضى ويبيع ويقبض للورثة ويشتري؛ فإذا فعل ذلك كان لكل واحد منهم أن يقبض مال الميت في البلد الذي هو فيه وبغيره وحده ويبيع ما أحب من تركة الميت وحده.
قلت: أرأيت الرجل يوصي فيقول اشهدوا أن فلاناً وصيي إن حدث بي حدث موت فإن لم يقبل فلان ففلان - رجل آخر- وصيي؟ قال هذا جائز عندنا على ما سمي ولست آمن جهل بعض الفقهاء، قلت فكيف الحيلة والثقة في ذلك للمريض حتى لا يرد ذلك أحد من الفقهاء؟ قال يُشهد أنهما وصياه جميعاً على أنه إ ن لم يقبل واحد منهما وقبل الآخر فالذي قبل منهما وصي وحده، ويُشهد إن أحب أيضاً وإن قبلا جميعاً فهما وصياه فإن لكل واحد منهما أن يتقاضى وحده ويبيع ويشتري وحده ويقضي ويخاصم ويوكل وحده فيجوز على ما سميت.