وحلفتم فاحلفوا بالله ما تدرون أين أنا ولا لكم علم بمكاني ولا في أي موضع أنا، واعنوا أنكم لا تدرون في أي موضع أنا فيه قاعد أو قائم فتكونون قد صدقتم.
وأتاه رجل فقال إني في الديوان وإني اعترضت على دابة وقد نفقت وهم يريدون أن يحلفوني أنها الدابة التي اعترضت عليها فكيف أحلف؟ فقال اركب دابة واعترض عليها على بطنك راكباً ثم احلف لهم إنها الدابة التي اعترضت عليها، فيفهمون العرض وأنت تعني اعترضت عليها على بطنك.
ويحكى عن إبراهيم رحمه الله أنه كان استأذن عليه رجل وهو لا يرد أن يأذن له فركب وسادة أو دار فرش التخت وقال لجاريته قولي إن الشيخ قد ركب، وربما يقول لها اضربي قدمك على الأرض وقولي ليس الشيخ هنا، أي تحت قدمي.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال لأن أحلف بالله كاذباً أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقاً، ومراده بهذا المبالغة في النهي عن الحلف بغير الله تعالى، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من حلف بغير الله فكفارته أن يقول لا إله إلا الله" وقال صلى الله عليه وسلم: "لا تحلفوا بآبائكم ولا بالطواغيت" فالحلف بغير الله منهي عنه سواء كان كاذباً أو صادقاً، وليس مراده الرخصة في الحلف بالله كاذباً، فإن الكذب حرام من غير أن يؤكده باليمين فكيف يرخص فيه مع التأكيد باليمين، وقد أوله بعضهم على أن الحالف بالله وإن كان كاذباً في خبره فهو معظم اسم الله تعالى في حلفه، ويروون فيه حديثاً عن رجل من بني إسرائيل أنه حلف بالله الذي لا إله إلا هو، وكان كاذباً في يمينه، فنزل الوحي على نبي الذلك الزمان أنه غفر له ذلك بتوحيده، ولكن الأول أصح.
وذكر عن إبراهيم رحمه الله قال: اليمين على نية الحالف إذا كان مظلوماً وإذا كان ظالماً فعلى نية المستحلف.
وبه نأخذ فنقول المظلوم يتمكن من دفع الظلم عن نفسه بما تيسر له شرعاً