للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا إشكال في هذا إذا كان الفعل المجرد لازمًا، واكتسب التعدية بالهمزة ففريق كبير من القدماء قد عد هذا قياسيًا، وتبنى هذا الرأي مجمع اللغة العربية بالقاهرة. مثال ذلك الفعلان: "أرجع" و "أوقف" اللذان شاع استعمالهما في العصر الحديث في مثل: "أرجعت حرب الخليج العلاقات العربية العربية عشر سنوات إلى الوراء"، "أوقفت السفن الحربية الأمريكية سفينة شحن عراقية في خليج عمان". والوارد في كتب اللغة عن هذين الفعلين استعمالهما متعديين بدون الهمزة، كقوله تعالى: {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُم} ، وقوله: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُون} . والفعلان -كما هو واضح- متعديان.

ولكن إذا علمنا أنهما وردا كذلك لازمين، كقولك: "رجع المتهم إلى رشده". "وقف الجند تحية لقائدهم". أمكننا أن نقول: إن من استعمل هذين الفعلين بالألف لم يفعل أكثر من تعدية اللازم بالهمزة، وهذا مقيس كما قلنا.

وقد ذكر أبو حيان١ عبارة تؤيد ما قلناه، وهي: وقد سمع في المتعدية أوقف، وهي لغة قليلة، ولم يحفظها أبو عمرو بن العلاء، قال: لم أسمع في كلام العرب: أوقفت فلانا، إلا أني لو لقيت رجلا واقفا فقلت له: ما أوقفك هنا؟ لكان عندى حسنا". وعقب أبو حيان قائلا: وإنما ذهب إلى حسن هذا؛ لأنه مقيس في كل فعل لازم أن يعدى بالهمزة نحو: ضحك زيد، وأضحكته.

وعلى هذا يمكن تصحيح أفعال كثيرة شاع استعمالها في العصر الحديث مثل:


١ البحر المحيط ٤/ ١٠١.

<<  <   >  >>