للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خَلْقَهُ قَال مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (٧٩)} [يس / ٧٨ - ٧٩]. وقوله جل وعلا: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيهِ} [الروم / ٢٧] {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَينَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (١٠٤)} [الأنبياء / ١٠٤] وكقوله جل وعلا: {أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (١٥)} [ق / ١٥] وكيف يلتبس عليكم الخلق الجديد وأنتم تعلمون الخلق الأوَّل؟ ولأجل هذا قال مخاطبًا للإنسان: {وَالتِّينِ وَالزَّيتُونِ (١) وَطُورِ سِينِينَ (٢) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (٣) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْويمٍ (٤)} [التين / ١ - ٤] ثم قال مرتبًا على هذا: {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (٧)} [التين / ٧] ما يحملك على أن تكذب بالبعث والجزاء وقد علمت أني خلقتك أولًا؟ وهذا البرهان متكرر في القرآن تكررًا كثيرًا لا يحصى؛ ولذا نص الله في آيات من كتابه على أنَّه لا ينكر البعث إلَّا من نسي الإيجاد الأوَّل، كما قال في قوله جل وعلا: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ} [يس / ٧٨] إذ لو تذكّر الإيجاد الأوَّل لعلم أن من أوجد أولًا قادر على أن يوجد ثانية، وكقوله جل وعلا: {وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (٦٦) أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيئًا (٦٧) فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (٦٨)} [مريم / ٦٦ - ٦٨] وهذا البرهان كثير في القرآن، وقصدنا التمثيل بآيات متعددة.

البرهان الثَّاني: هو خلق السموات والأرض المشار إليه في قوله: {جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً} يعني ومن خلق هذه الأجرام العظيمة الهائلة فمن المعلوم أنَّه قادر على إعادة الإنسان الضعيف المسكين؛ لأنَّ من خلق الأعظم الأكبر قادر بالأولى على أن يخلق

<<  <   >  >>