الأضعف الأصغر، وهذا برهان كثير في القرآن، كقوله تعالى:{لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ}[غافر / ٥٧] أي: ومن قدر على خلق الأكبر فهو قادر على خلق الأصغر من باب أولى، وكقوله جل وعلا:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى}[الأحقاف / ٣٣] لأنَّ مِن خلق الأعظم قادر على أن يخلق الأصغر، وكقوله جل وعلا:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ}[الإسراء / ٩٩] وقد ألقمهم حجرًا في قوله: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (٢٧) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (٢٨) وَأَغْطَشَ لَيلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (٢٩) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (٣٠) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (٣١) وَالْجِبَال أَرْسَاهَا (٣٢)} [النازعات / ٢٧ - ٣٢] الجواب: هذا الذي فعل في السماء والأرض أشد وأعظم خلقًا، أي: ومن قدر على الأشد الأعظم فمن باب أولى أنَّه قادر على الأخف الأصغر، وهذا برهان كثير في القرآن، والقصد التمثيل بآيات، وبيان ما اشتملت عليه الآيات من الغرائب والعجائب والإشارات.
الثالث من هذه البراهين: هو إحياء الأرض بعد موتها؛ لأنَّ من أحيا الأرض بعد موتها -تجد الأرض قاحلة ميتة لا نبات فيها مغبّرة، ثم إن الله ينزل المطر فتجدها حية خضراء ترفل في أحسن الحلل من جميع النباتات، فمن أعاد هذا النبات بعد العدم- قادر على إحياء الإنسان بعد العدم، لأنَّ ماجاز على المثل يجوز على مماثله، وهما جرمان كانا معدومين، ومن أوجدهما أولًا أعاد هذا، ونحن نشاهد فنعلم أنَّه قادر على الثَّاني، وهذا برهان كثير أيضًا في القرآن أشير له بقوله هنا:{وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ}[البقرة / ٢٢]