الموضع الخامس: طيور إبراهيم حيث قال {رَبِّ أَرِنِي كَيفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَال أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَال بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَال فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيرِ} يذكرون في قصَّة إسرائيلية أن هذه الأربعة: غراب ونسر وديك وطاووس {فَصُرْهُنَّ إِلَيكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا} فرق لحومها وريشها ورؤوسها على الجبال {ثُمَّ ادْعُهُنَّ} فدعاهن فصار الريش يطير إلى الريش، واللحم إلى اللحم، والعظم إلى العظم، والرأس إلى الجثة، حتَّى جاءت تمشي لا بأس عليها؛ ولذا قال: {ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٦٠)} [البقرة / ٢٦٠].
قد ذكرنا من هذه الجُمل أن الله -جل وعلا- رتب في أول هذه السورة الكريمة هذا التَّرتيب العجيب، ونوّه بشأن هذا القرآن العظيم الذي هو النور المبين وفيه خير الدُّنيا والآخرة، ثم بين أن النَّاس بالنسبة إليه ثلاث طوائف:
طائفة آمنت به ظاهرًا وباطنًا.
وطائفة كفرت به ظاهرًا وباطنًا.
وطائفة آمنت به ظاهرًا وكفرت به باطنًا.
وضرب لهذه الأمثال، ثم بين أنَّه ينبغي للمسلمين أن يكونوا من