تلك الطائفة الطيبة، وأن يتجنبوا أن يكونوا من الطائفتين الخبيثتين.
ثم أشار إلى أن مدار ذلك على تحقيق كلمتين فيهما خير الدُّنيا والآخرة وعليهما قوام السماء والأرض (لا إله إلَّا الله محمَّد رسول الله) فبين الأولى، وفصل نفيها وإثباتها، وجاء ببراهينها القطعيّة مضمنة براهين البعث، ثم جاء بالثانية موضحًا إياها ببرهان الإعجاز. هذه العبادة التي أشير إليها هنا هي فروع كثيرة وأنواع منتشرة، وهي طاعة الله في جميع ما أمر به، وجميع ما نهى عنه، كما قال الله جل وعلا: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (١١٠)} [الكهف / ١١٠].
والقرآن العظيم هو النور والميزان العدل الذيِ يُعرف به الحق من الباطل، والله يقول:{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ}[الحديد / ٢٥] وقد بين لنا القرآن ميزانًا نعرف به أعمالنا ومحكًّا ننقد به أعمالنا، فنعرف أزائفة هي أم خالصة، أحق هي أم باطل، وقد بين القرآن العظيم أن المسلم إذا أراد أن يعرض عمله على ميزان يعرف به أعمله صالح أم طالح أن ذلك الميزان يتركب من ثلاثة أشياء، إذا كانت هذه الثلاثة الأشياء موجودة في ذلك العمل فهو عمل صالح كما ينبغي، وإن اختل منها واحد فالعمل طالح غير صالح.
الأوَّل: من هذه الأمور الثلاثة: هو أن يكون ذلك العمل مطابقًا في ظاهر الأمر لما جاء به سيد الخلق محمَّد صلوات الله وسلامه عليه؛ لأنَّ الله هو الملك الأعظم الجبار لا يقبل أن يتقرب إليه إلَّا طبق ما أمر؛ ولذا يقول:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}