للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجماعة، هكذا فليكن المسلم على ضوء القرآن العظيم.

وتقرؤون أن الله -جل وعلا- يقول في سورة الأنفال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا} [الأنفال / ٤٥] قوله {فَاثْبُتُوا} هذا تعليم عسكري سماوي، وهو الصمود في الميدان في خطوط النَّار الأمامية، وفي هذا الوقت الضنك الحرج؛ خالق الكون يقول: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٤٥)} [الأنفال / ٤٥].

ولا يخفى عليكم أن نبي الله داود من أنبياء سورة الأنعام الذين ذكرهم الله في قوله: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ} [الأنعام / ٨٤] إلى آخر من عد منهم، ثم لما أتم عدهم قال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام / ٩٠] وأَمْرُ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَمْرٌ لنا؛ لأنَّ أمر القدوة أمر لأتباعه، وقد دل استقراء القرآن العظيم على أن الأوامر الخاصة بالرسول تشمل الأمة كلها، وسنضرب لكم أمثلة ثم نرتب المقصود على ذلك، من الأمثلة القرآنية الدّالة على أن الخطاب الخاص لفظه بالرسول يشمل حكم الأمة: قوله تعالى في صدر سورة الطلاق: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} فقال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} باسم النَّبيِّ، ثم بين أنَّه يدخل في حكمه الأسود والأحمر حيث جمع وعمم في قوله: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ} [الطلاق / ١] إلى آخر ما ذكر، فلو كان مختصًا به لقال: إذا طلقت النساء فطلق وأحص العدة واتق الله لا تُخرج. ونظير ذلك قوله في صدر سورة التحريم في خطاب خاص بالنبي: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ} [التحريم / ١] ثم بين بخطاب أن هذا شامل للأسود والأحمر حيث

<<  <   >  >>