للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال بعده: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيمَانِكُمْ} [التحريم / ٢] جميعًا عن بكرة أبيكم، ونظير ذلك في صدر سورة الأحزاب حيث قال الله في صدرها: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ} في خطاب خاص بالنبي، ثم قال: {وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ} إلى أن قال: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (٢)} [الأحزاب / ٢] فعمم الحكم ليبين أن كل الأمة داخلة في حكم: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} وقد قال -جل وعلا- مخاطبًا للنبي وحده: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ} ثم بين الشمول للأسود والأحمر بهذا الخطاب الخاص، قال: {وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إلا كُنَّا عَلَيكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} [يونس / ٦١].

ومن أصرح الأدلة في هذا آيتا الأحزاب وآية الروم، أما آيتا الأحزاب: فالأولى منهما قوله تعالى في زينب بنت جحش: {فَلَمَّا قَضَى زَيدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب / ٣٧] فـ "كاف" الخطاب في قوله: {زَوَّجْنَاكَهَا} واقعة على خصوص سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - لأنَّه المخاطب بتزويجه إياها، وقد بين الله أن هذا الخطاب يقصد به شمول الأسود والأحمر حيث قال بعده مقترنًا به: {لِكَي لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (٣٧)} [الأحزاب / ٣٧]. وآية الأحزاب الثَّانية أن الله قال في النَّبيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم - فيه: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا} لو لم تكن الأمة داخلة لما احتيج إلى أن يخرج الأمة بقوله: {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب / ٥٠] وأمَّا آية الروم فقوله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٣٠) مُنِيبِينَ إِلَيهِ وَاتَّقُوهُ}

<<  <   >  >>