للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو مُرْضٍ ربه، وعلى صلة بربه.

وأنا أضرب لكم بعض الأمثال في أنه ينتفع بالأمور الدنيوية ولو كان إنتاجها من الكفرة الفجرة الخنازير أبناء الخنازير، نضرب لكم ثلاثة أمثلة من هذا نضرب المثل بها دائمًا: منها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما حاصره الأحزاب ذلك الحصار العسكري التاريخي العظيم المذكور في قوله: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (١٠) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا (١١)} [الأحزاب: ١٠ - ١١] قال سلمان: كنا إذا خفنا خندقنا (١). هذه مثلًا خطة عسكرية، الأذهان التي أنتجتها من الدنيا أذهان كفرة فجرة مجوس يسجدون للنار، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقل: هذه خطة عسكرية نجسة؛ لأن أصلها من الكفار، وقد اخترعها المجوس! ! لا، أخذ الخطة الدنيوية من الكافر وهو مرضٍ ربه، محافظ على آداب السماء والآداب الروحية.

ومن أمثلة هذا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما تكالبت عليه قوى الشر، واضطر إلى الخروج من وطنه، ودخل هو وصاحبه في الغار كما نص الله في سورة براءة: {ثَانِيَ اثْنَينِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} [التوبة: ٤٠] وجميع الدنيا حرب عليه، والطريق تُبث فيها العيون والرصد، وجد خبيرًا كافرًا واسمه: عبد الله بن الأُريقط الدؤلي، كافر يسجد للصنم إلا أنه عنده خبرة دنيوية، فهو يعرف الطرق، ويحاشي الطرق المعهودة، ويأتي به


(١) تاريخ الطبري (٣/ ٤٤).

<<  <   >  >>