في آيات الصفات هذا المعنى الصحيح المتركز على هذه الأُسس الثلاثة القرآنية لا يلومكم الله ولا يوبخكم على ذلك، فلا يقول لكم: لِمَ تنزهونني عن مشابهة خلقي؟ ولا يقول لكم: لم تؤمنون بصفاتي وتصدقونني فيما مدحت به نفسي أو أثنى به عليَّ نبيي؟ ولا يقول لكم: لِمَ لا تقولون: إن علمكم محيط بمن خلقكم؟
فهذا المفهوم الصحيح طريق سلامة محققة؛ لأنه في نور القرآن العظيم، ولو تنطع متنطع فقال: بينوا لنا كيفية للاستواء منزهة عن كيفية استواء المخلوقين لنعتقد صفة استواء منزهة عن مشابهة صفات الخلق؟
قلنا: أعرفت كيفية الذات المقدسة المتصفة بتلك الصفات؟ فلا بد أن يقول: لا. فنقول: معرفة كيفية الاتصاف متوقفة على معرفة كيفية الذات، فسبحان من أحاط بكل شيء علمًا {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (١١٠)} [طه: ١١٠].
وبالجملة فالله - جل وعلا - حق، وصفاته حق، والمخلوقون حق، وصفاتهم حق، وللخالق صفات لائقة بكماله وجلاله، وللخلق صفات لائقة بحالهم، وبين صفة الخالق والمخلوق من التغاير والمنافاة مثل ما بين ذات الخالق والمخلوق، ألا ترون أن الله تعالى وصف نفسه بالقدرة فقال: {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ (٢٨٤)} [البقرة: ٢٨٤] ووصف بعض خلقه بالقدرة قال: {إلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيهِمْ}[المائدة: ٣٤] ووصف نفسه بالحياة قال: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}[البقرة: ٢٥٥]{هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إلا هُوَ}[غافر: ٦٥]