في إقليم معتدل المناخ. غير أن الإنسان فيما بعد عندما تقدمت وسائله الحضارية ونمت شوكته واشتد عوده قد استطاع أن ينتقل وينتشر إلى الأقاليم ذات المناخات القاسية وأن يكيف نفسه بطريقة ذكية مع ظروف المناخ١. وينقسم هذا البحث إلى قسمين: القسم الأول يتناول جوانب تأثير المناخ على الإنسان ونشاطه, والقسم الثاني يتعلق بمدى قدرة الإنسان على التحكم في المناخ.
المناخ وجسم الإنسان:
فيما يختص بالحرارة نلاحظ أن جسم الإنسان يحافظ دائمًا تحت الظروف الصحية العادية على درجة حرارة ثابتة هي ٣٧ ْم "٩٨.٦ ْف" وهي عبارة عن التوازن الذي ينظمه الجسم بين الحرارة المكتسبة والحرارة المفقودة. والمصدر الرئيسي لإمداد جسم الإنسان بالحرارة هو ما يتناوله من الطعام. وتؤدي حركة عضلات الجسم إلى توليد حرارة أيضًا ولا بد لكل هذه الحرارة أن تفقد وإلا ارتفعت حرارة جسم الإنسان إلى حد غير مرغوب فيه.
ويحافظ الجسم على مستوى حرارته عن طريق العرق ودورة الدم، فالجلد والطبقة الدهنية التي توجد أسفله تكوِّن شبه غطاء طبيعي لبقية الجسم، ففي الأيام الباردة يقوم هذا الغطاء بحماية الجسم إذ تتقلص الأوعية الدموية وتظل بعيدة على السطح الخارجي للجسم كي تحافظ على حرارته لذلك يبدو الجلد باهت اللون.
أما في الوقت الذي ترتفع فيه حرارة الجو فإن الأوعية الدموية تتضخم ويأخذ الجلد لونًا محمرًّا، إذ إن الدم يحمل الحرارة إلى الأجزاء الخارجية من الجسم حتى
١ Markham, S. F., Climate and the Energy of nations, New York, ١٩٤٧